العفيفي مشرف المنتدى الديني والاسلامي
رقم العضوية : 71 الجنس : عدد المساهمات : 125 النقاط : 346 السٌّمعَة : 16 تاريخ التسجيل : 17/06/2010 العمر : 50
| موضوع: نساء خالدات نبداء هذا القصة بالسيدة خديجة ام المؤمنين رضي الله عنها الأربعاء 23 يونيو 2010, 21:15 | |
| السيدة خديجة أم المؤمنين رضي اللهعنهاإن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره، ونعوذ بالله منشرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليامرشدا.
وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولامثيل له ولا ضد ولا ند له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، من بعثه الله رحمةللعالمين هاديا ومبشرا ونذيرا، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، صلوات ربيوسلامه عليه وعلى كل رسول أرسله.
أما بعد فيا عباد الله،اتقوا الله تبارك وتعالى، وعظموا أمره واجتنبوا نهيه، يقول الله تعالى: {وٱلذينجاءوا من بعدهم يقولون ربنا ٱغفر لنا ولإخوٰننا ٱلذين سبقونا بٱلإيمٰن ولا تجعل فىقلوبنا غلا للذين ءامنوا ربنا إنك رءوف رحيم} (سورة الحشر/10(.
جميلأن نتحدث عن الأخلاق الفاضلة، ورائع أن نكتب عن المثل وعظيم السجايا (أي الخصال)،أن نقرأ عن الحلم والأناة، أو نتحدث عن الجود والسخاء ونصف الصدق والسماحة، ونعجبمن كرم الكريم، وشهامة الشهم، كل ذلك عظيم، ولكن إن كان هذا كله في شخص واحد، فكمستحمل النفوس والقلوب لهذا المخلوق من الإجلال والاحتراموالمحبة.
إنها أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد بن أسدبن عبد العزى بن قصي، القرشية الأسدية، زوج الرسول صلى الله عليه وسلم، أول امرأةتزوجها، وأول من أسلم بإجماع المسلمين، لم يتقدمها رجل ولاامرأة.
كانت تدعى في الجاهلية الطاهرة، أوسط نساء قريش نسبا،وأعظمهم شرفا، وأكثرهم مالا، تستأجر الرجال في مالها تضاربهمإياه.
ولما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغهامن صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه وعرضت عليه أن يخرج في مالها إلىالشام تاجرا على أن تعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار، فقبل النبي صلى اللهعليه وسلم ذلك منها، وتاجر في مالها، فأضعف وأربح، ونما مالهاوأفلح.
وكانت خديجة امرأة حازمة لبيبة شريفة مع ما أراد الله منكرامتها، فعرضت نفسها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك لأعمامه، فخرجمعه عمه حمزة بن عبد المطلب حتى دخل على خويلد بن أسد، فخطبها إليه، فتزوجها رسولالله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وعشرين سنة، وكان عمرها يومئذ أربعين سنة وقدتزوجت قبله برجلين، فولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولده كلهم إلا إبراهيمفإنه كان من مارية القبطية، وأكبر أولاده من خديجة القاسم وبه يكنى صلى الله عليهوسلم، وعبد الله ويسمى الطاهر والطيب، وماتا قبل البعثة، أما بناته منها فهن رقيةأكبرهن ثم زينب ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، وكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه صلىالله عليه وسلم، ومن كرامتها صلى الله عليه وسلم أنه لم يتزوج امرأة قبلها، ولميتزوج عليها قط، ولا تسرى إلى أن قضت نحبها، فوجد (أي حزن) لفقدها، وحزن النبي صلىالله عليه وسلم حزنا شديدا مع كامل الصبر والتسليم لله رب العالمين، حتى سمي ذلكالعام بعام الحزن.
وكانت رضي الله عنها رابطة الجأش، عاقلةمصونة، ثبتت جأش النبي صلى الله عليه وسلم لما فاجأه الوحي أول مرة في غار حراء،فرجع إليها يرجف فؤاده، يقول لها: "زملوني لقد خشيت على نفسي".
فلمتفقدها شدة الصدمة وعيها، بل كلها رزانة وتعقل، وصبر وتحمل، ونطقت بالحكمة، وقامتبالخدمة، قالت له: "كلا والله لا يخزيك الله أبدا، والله إنك لتصل الرحم، وتصدقالحديث، وتحمل الكل (أي التعب)، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائبالحق". (كما في كتاب الإيمان لابن منده).
فخففت بهذه الكلماتالطيبات ما كان يجده النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه في ثوان معدودات، ولم يجفريقها رضي الله عنها من هذا الكلام حتى انطلقت مسرعة إلى ابن عمها ورقة بن نوفل،تنقل له خبر ما وقع لزوجها، فطمأنها بأنه رسول هذه الأمة وأن الوحي قد جاءه كما جاءلموسى ومن قبله من الأنبياء.
وهكذا كان لخديجة شرف الإسلامالأول، وشرف العلم بالوحي المنزل وشرف احتضانها لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعدالأمر الذي نابه، وتخفيفها لشدة ما أصابه، وكان هذا دأبها معه صلى الله عليه وسلمحتى ماتت.
وقد حفظ لها النبي صلى الله عليه وسلم هذه الخدمةالجليلة، فكان يذكرها بها بعد موتها، ويثني عليها.
ومن علاماتتعظيمه لخديجة أنه كان يمضي عهدها القديم بعد موتها بين نسائه، ويسير بسيرتهاالمحمودة في علاقتها مع الأهل والجيران، وكأنها معه حاضرة كأحسن ما يعيش الزوجان،قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: "ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليهوسلم، ما غرت على خديجة، وما رأيتها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثرذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول: "إنها كانت، وكانت، وكان لي منهاولد" رواه البخاري.
وكم كان ينبعث من وجه رسول الله صلى الله عليهوسلم البشر والسرور، لما يحظى بزيارة صديقات لخديجة بعد وفاتها، فما هو إذا رءاهنحتى يطيب بذكرها، وتتحرك فيه الشجون عرفانا لفضلها وقدرها.
روىالبخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "استأذنت هالة بنت خويلد، أختخديجة، على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف استئذان خديجة (أي صفته لشبه صوتهابصوت أختها فتذكر خديجة بذلك) فارتاع لذلك (تغير واهتز سرورا)، فقال: " اللهم هالة" (أي اجعلها يا الله هالة، أو: هي هالة).
وهكذا فإن الجزاء من جنسالعمل، فإنها رضي الله عنها لما قامت بنبي الله (أي خدمته) الذي هو زوجها خير قيام،وأحسنت إليه بإنفاقها من مالها عليه، ولم تتبرم (أي تتضجر) من معاشرتها له مع طولالمدة، بل لم تسمعه ما يؤذي من قبيح الكلام وسوء الفعال.
بل آمنتبه وصدقته وثبتته وربت أولاده وصبرت على ما يلقاه من أذى قومه فأحسن إليها النبيصلى الله عليه وسلم بعد موتها بدوام ذكرها والاستغفار لها والثناءعليها.
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: "أتىجبريل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا رسول الله: هذه خديجة قد أتت معها إناءفيه إدام، أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرهاببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه، ولا نصب". وكان ذلك في حياتها رضي اللهعنها.
زاد الطبراني في الرواية المذكورة: فقالت: "هو السلام ومنهالسلام وعلى جبريل السلام".
وللنسائي من حديث أنس قال: "جاءجبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعنده خديجة قال: "إن الله يقرئ خديجة السلام" فقالت: "إن الله هو السلام (أي السالم من كل نقص وعيب)، وعلى جبريل السلام، وعليكالسلام، ورحمة الله وبركاته".
فرضي الله عنها وأرضاها وأكرممثواها وحشرنا معها تحت لواء حبيبه محمد صلى عليه وسلم. | |
|